ما هو التحميض؟
ومَذعورةٍ جاءتْ على غيرِ موعدٍ تقنَّصْتُها والنَّجمُ قد كادَ يطلعُ
فقلتُ لها لما استمرَّ حديثُها ونفسي إلى أشياءَ منها تَطَلَّعُ
أَبِيْني لنا: هل تُؤمِنين بـمالكٍ؟ فإني بِحُبِّ المالكيَّةِ مُولَعُ
فقالتْ: نَعَمْ إني أدينُ بدينِهِ ومذهبُه عَدلٌ لديَّ ومُقْنِعُ
فبِتْنا إلى الإصباحِ ندعو لمالكٍ ونُؤْثرُ فتياهُ احتسابًا ونتبعُ (2)
(1) الدر المنثور 1/635-638. وذكر الطبري بعض هذه الأخبار في تفسيره 2/233-234، فراجعها.
(2) محاضرات الأدباء 2/268 ط دار مكتبة الحياة.
لا شك أن هذه الأخبار معارضة لنص القرآن، إذ يقول الله تعالى: ( وَيَسْأَلُونك عن المحيض قل هو أَذى، فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يَطْهُرْنَ )(البقرة /222) فلو كان إتيان الدبر مباحًا لأمر باعتزال الفرج فقط ولقال (فاعتزلوا فروجَ النساء في المحيض) ولكن لما كان الدبر مُحَرَّما إتيانه أمر باعتزال الفروج والأدبار في محيض النساء بقوله ?ولا تقربوهن?.
على هذا الاستدلال يحرم الاستمتاع بالحائض بأي نحو من أنحاء الاستمتاع، سواءًا أكان في الفرج أم في الدبر أم في غيرهما، وهذا لا يقول به أحد، وتردّه أقوال علماء أهل السنة فإنهم نصُّوا على أنه يجوز مباشرة الحائض، ويجب اجتناب خصوص الفرج.
فقد قال ابن كثير في تفسيره: فقوله ( فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي المَحِيضِ ) يعني الفرج، لقوله: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح). ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه يجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج.
قال أبو داود أيضًا: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد عن أيوب عن عكرمة عن بعض أزواج النبي (ص): كان إذا أراد من الحائض شيئًا ألقى على فرجها ثوبًا (1).
وقال القرطبي في تفسيره: وقد اختلف العلماء في مباشرة الحائض وما يستباح منها…
إلى أن قال: وقال الثوري ومحمد بن الحسن وبعض أصحاب الشافعي: يجتنب موضع الدم، لقوله عليه السلام: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح)، وقد تقدَّم، وهو قول داود، وهو الصحيح من قول الشافعي، وروى أبو معشر عن إبراهيم عن مسروق قال: سألت عائشة ما يحل لي من امرأتي وهي حائض ؟ فقالت: كل شيء إلا الفرج. قال العلماء: مباشرة الحائض وهي مُتَّزرة (2) على الاحتياط والقطع للذريعة، ولأنه لو أباح
(1) تفسير القرآن العظيم 1/258.